السبت، أكتوبر ٠٤، ٢٠٠٨

الولي الأديب



إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيه الشريف تركوه و إذا سرق الفقير حدوه ( أقاموا عليه الحد )
.
إن الولاية المطلقة تجعل للولي السلطة في أن ينقض اتفاقه مع الأمه و لو من طرف واحد ماذا لو كان هذا الولي هو الشاعر هل يحق كونه الشريف الأديب أن ينقض اتفاقه مع الأمه فيما يسمى بالضرورة الشعرية
.
.
ضرورة الشاعر تمحو ما وجبْ
على الذي يتبع أوزان العربْ
وهي ثلاث فاغنم الإفادة
الحذف والتغيير والزيادة
.
ألا يخول ذلك الشاعر بأن يعطي نفسه صلاحيات فيزيد و يحذف و يغير و هو أصلاً غير مضطر فبوسعه أن يغير البيت أو يحذف الشطر أو يحور المعنى ولا يلزمه أن يتجاوز عقده و اتفاقه مع اللغة ..
.
فهو الخصم و الحكم .. ولا تطع فيهما خصما و لاحكم فأنت تعرف كيد الخصم و الحكم
.
فمن خلال بعض النصوص حدّد العلماء رأي سيبويه في "الضرورة" وهو أنه يجوز للشاعر ما لا يجوز له في الكلام بشرط أن يضطر إلى ذلك، ولا يجد منه بداً، وأن يكون في ذلك ردُّ فرع إلى أصل، أو تشبيه غير جائز بجائز.
.
بشرط أن يضطر إلى ذلك و ما هو الداعي للاضطرار هل هو نوع من الكسل لتكون قاعدة أدبية و لغوية تسهل للشاعر الشريف أن يضطر إلى ذلك و لو كان شاعر فقير لشنعوه و انتقصوا منه
.
أم أنه بما أن الشاعر الشريف قد خرج عن المألوف فاضطر الفقهاء و المحامون و القانونيون و المفتون للبحث عن مخرج يحفظ ماء وجه الشاعر
.
إن الضرورات هي بلا شك نوع من أنواع الدكتاتورية و التي تشرع للمشرع أو للولي الأديب التفرد و تجاوز القوانين و الأعراف بحجة الضرورة و التي تؤدي بالمستقبل إلى سابقة تتبعها سابقة تتبعها سابقة
.
إذ لو سد هذا الباب و استغنت اللغة عن الضرورة الشعرية و كان هناك دستور أدبي يلتزم به الجميع و كان الناس سواسية أمامه لتحققت العدالة و احتفظت اللغة باحترام الناس لها و ابتعد كل متملق و كل باحث عن مخرج قانوني او فقهي أو أدبي لهذا الأديب أو ذاك الولي
.
يقول النحويين أنه ما من ضرورة إلا و يمكن أن يعوضها لفظ آخر
.
و بما ان للمعنى أكثر من لفظ لماذا يضطر ذلك الشاعر إلى استخدام الضرورة و بإمكانه البحث عن لفظ آخر هل يعتبر ذلك نقص في المخزون اللغوي للشاعر أم كسل فكري
.
.
ومن أقوال ابن هشام ه: "إذا فُتح هذا الباب - يعني زعم القدرة على تغيير بنية الشعر وألفاظه - لم يبق في الوجود ضرورة، وإنما الضرورة عبارة عما أتى في الشعر على خلاف ما عليه النثر"
.
ومن أقواله أيضاً: إن كثيراً من أشعار العرب يقع عن غير روية، وهو مما يدعو إلى عدم التمكن من تخيّر الوجه الذي لا ضرورة فيه.
.
كما أن الشعر لمّا كان مظنة للضرورة استُبيح فيه ما لم يُضطرّ إليه، كما أُبيح قصر الصلاة في السفر؛ لأنه مظنة المشقة مع انتفائها أحياناً والرخصة باقية.
.
.
هل أصبحت
الضرورات نوع من أنواع الدكتاتوريات التي تمكن للشريف من كسر القوانين و الأعراف
.
.

هناك ٥ تعليقات:

izdehar يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
izdehar يقول...

izdehar يقول...
اخي الكريم

بدءا فاجأتني بهذه المدونة الراقية لاني لم اكن اعلم بوجودها .. ثانيا موضوع غاية في الابداع والتميز لغته العالية المحفوظة بأقوال علماء اللغة .. شيء جميل هذا البحث وفيه صحة كبيرة .. لكني لا اظن ان مفردات الشاعر في حال استخدامه الضرورة قد عجزت ولا فكره قد تكاسل انما هي حالة يجد فيها ان هذه الكلمة لو تغيرت فانها تغير المعنى بأكمله خاصة ان لم يكن الشاعر ناظما للشعر فالناظم حريص في الابتعاد عن الضرورات التي يقع فيها الشاعر..

مقال ممتع يستحق الاهتمام والتفرد

تحياتي

سلام

ازدهار الانصاري

2:04 ص

human يقول...

ليس لمثلي أن يعلق على مثلك

فكما قلت سابقاً

شتان بين الثرى و الثريا

و كما يقول الشاعر

جاورت أعدائي و جاور ربه
فشتان بين جواره و جواري


أستاذة ازدهار تواجدك يسعدني و يزيدني شرفاً

honey يقول...

الضروريات و الإستثناءات و ترخيصها تعطي صاحبها نوع من القوة! فيلجا له من عجز عن إتباع القوانين الشعرية فيضع هو لائحته الخاصة التي يحدد بها المسموح و الممنوع على هواه و يجعل كلشاعر فاشل في قبضة يده

بالمناسبة هل يوجد شاعر فاشل؟ أم أن بمجرد تسميته بشاعر فقد عدى مرحلة الفشل ، و كل ما بقى له إثبات مدى قوت شعره

واللوجوء للضروريات كثير فهي أسهل و بالتملق تصل لما تريده دون إجهاد نفسك بزيادة محصلتك اللغوية و دون ان تتأكد من موازين شعرك

في شخصية روائية قرأتها للكاتب غازي القصيبي .. كان الشاعر يضع لنفسه قوانينه الخاصة فإن إختل شعره إبتكر كلمة من تأليفه و أضافها لشعره رغم هذا كان شعره يلاقي صدا بين الناس
هل لقوته و لنفوذه سموها بضروريات؟ ، ام أننا تود من يكسر لنا القوانين لننعم يفائق الحرية الشعرية من بعده؟ و يسمي الكل نفسه بشاعر

human يقول...

مداخلة جميلة من زميلة رائعة

هل يوجد شاعر فاشل

يقال لا يوجد أحد من العرب إلا و وهو يقدر على قول الشعر قل قوله أو كثر ...

و لا يعد الشاعر شاعراً إلا من اجاد فنون الشعر و أبدع